لا يسعنا اليوم ونحن نتابع خطاب جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين في الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة إلا أن نشعر بالفخر العميق فقد وقف جلالته شامخاً واثقاً ومهيباً ينطق بلسان الأمة كلها برصانة عميقة ويجسد صوت الحق في عالم يزداد صمتاً أمام الظلم.
لقد كان خطابه أكثر من كلمات سياسية بل كان صرخة إنسانية تلامس القلوب قبل العقول وتضع المجتمع الدولي أمام مرآة الحقيقة فهيبة جلالته وحنكته جعلت القاعة تهتز بالتصفيق مراراً وكأن العالم بأسره يعترف بصدقه وجرأته في قول ما يعجز الآخرون عن قوله.
وما أثار اعتزازي أن الخطاب لم يكن مجرد دفاع عن قضية عادلة بل كان موقفاً أخلاقياً شجاعاً يطالب بميزان واحد للعدالة بين جميع الشعوب.. فكان جلالته يتحدث بعين القائد الذي لا يساوم على الحق ولا يخشى في الحق لومة لائم، رافضاً أن يُترك الشعب الفلسطيني أسيراً للاحتلال أو أن يُختزل حقه في الحياة والحرية إلى مجرد شعارات، وشعرت وأنا أستمع لجلالته أن الأردن لا يقف وحيداً بل يقود الصفوف في مواجهة الظلم والتطرف والازدواجية، ولقد أعاد بخطابه رسم صورة الأردن أمام العالم: بلد صغير بحجمه، لكنه عظيم بمواقفه، لا يتردد في قول الحقيقة مهما كان صداها.
خطاب الملك كان درساً في الشجاعة السياسية والإنسانية ورسالة واضحة بأن القيم لا تتجزأ وأن السلام لا يُبنى على الوهم بل على العدل والاعتراف بحق الشعوب... ولقد منحنا جلالته سبباً جديداً ومتجددا لنفخر به وبأردننا وليبقى صوته صوتنا جميعاً وصوت شعوب العالم في ميادين الحق والكرامة والعدل .